القاهرة – نيوز عربي
في خطوة تأتي ضمن التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولي، أقرت الحكومة زيادة جديدة في أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 15%، وهي الأولى في عام 2025، وسط جدل داخلي حول التأثيرات الاقتصادية المحتملة لهذه الزيادة.
وتأتي الزيادة بعد إعلان وزارة البترول والثروة المعدنية بدء تطبيق الأسعار الجديدة اعتبارًا من صباح الجمعة 11 أبريل/نيسان، عقب موافقة الصندوق على صرف شريحة جديدة من القرض البالغ 8 مليارات دولار، بقيمة 1.2 مليار دولار.
التضخم وتأثير الوقود
أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 13.1% خلال مارس/آذار، مقارنة بـ12.8% في فبراير/شباط، ما يزيد من القلق حول تداعيات هذه الزيادات على الأسعار العامة ومستوى معيشة المواطن.
الأسعار الجديدة للوقود:
-
بنزين 95: 19 جنيهًا للتر (0.37 دولار)
-
بنزين 92: 17.25 جنيهًا (0.34 دولار)
-
بنزين 80: 15.75 جنيهًا (0.31 دولار)
-
السولار: 15.50 جنيهًا (0.30 دولار)
-
أسطوانة بوتاجاز منزلية: 200 جنيه (3.90 دولارات)
-
أسطوانة بوتاجاز تجارية: 400 جنيه (7.80 دولارات)
مسارات حكومية للتخفيف:
تعاملت الحكومة المصرية مع القرار بثلاثة محاور:
-
تطمين المواطنين:
أكدت وزارة البترول أن الأسعار الجديدة لن يتم تعديلها قبل مرور 6 أشهر، مشيرة إلى أن الدولة ما تزال تتحمل دعمًا يوميًا للمحروقات بقيمة 366 مليون جنيه، أي ما يعادل 11 مليار جنيه شهريًا. -
الرقابة على السوق:
أعلنت وزارة التنمية المحلية ووزارة التموين عن حملات رقابية مستمرة لرصد التزام وسائل النقل بالتعريفات الجديدة التي تراوحت زيادتها بين 10% و15%، مع التركيز على ضبط أجرة التوكتوك المنتشر في مختلف المحافظات. -
استمرار دعم الخبز:
شدد وزير التموين شريف فاروق على استمرار صرف الخبز المدعوم بسعر 20 قرشًا للرغيف، مع التزام الدولة بتعويض المخابز عن فارق تكلفة الإنتاج.
خطة الحماية الاجتماعية
سبق إعلان الأسعار الجديدة حزمة اجتماعية أعلنتها وزارة المالية في مارس، شملت زيادات في الرواتب والعلاوات، ورفع الحد الأدنى للأجور بدءًا من يوليو/تموز، في محاولة للتخفيف عن الشرائح الأكثر احتياجًا.
تحذيرات من تداعيات اقتصادية
يرى الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية، أن هذه الخطوة ستنعكس سلبًا على أسعار المنتجات والخدمات كافة، مشيرًا إلى أن زيادة أسعار الوقود تؤثر مباشرة على تكاليف النقل والإنتاج. وأوضح أن الدعم قد يُرفع بالكامل مع نهاية العام الجاري.
وأكد عامر في تصريحات لـ”نيوز عربي” أن المواطن محدود الدخل هو المتضرر الأول، وأن زيادات الأجور المعلنة لن تكون كافية لتعويض هذا الأثر، داعيًا الحكومة إلى توسيع الاعتماد على المنتج المحلي وتعزيز الإنتاج الوطني لمواجهة التضخم.

زيادات غير عادلة
بدوره يصف رئيس جمعية “مواطنون ضد الغلاء لحماية المستهلك”، محمود العسقلاني في حديث لـنيوز عربي ما حدث بـ”الزيادات غير العادلة”، متسائلا: “كيف نرفع أسطوانة البوتاغاز 50 جنيهًا (دولارا واحدا) دفعة واحدة على المواطن، وكيف تكون زيادات بنزين 92 وبنزين 95 متساوية مع أن مستهلك النوع الأخير يمتلك سيارات أغلى ويستطيع دفع أكثر من عموم ملاك السيارات؟ ولماذا قامت المحافظات بزيادات مبالغ فيها على السرفيس والتاكسي، والتي بدورها ستلقي بعبء شديد القسوة على المواطنين؟”.
ويضيف العسقلاني أنه من حسن حظ المصريين أن تلك القرارات جاءت مع حالة ركود، مما يجعل قطاعات مهمة لا ترفع أسعارها فورًا، مثل الدواجن واللحوم، في حين ظهرت الزيادة بوضوح في وسائل التنقل والأغذية، ويتوقع موجة تضخم مرتقبة في وقت لاحق بالتزامن مع أي موجة احتياج أو سحب كثيف على المواد الغذائية، محذرًا الحكومة من استمرار استجابتها لشروط صندوق النقد الدولي، وعدم الاستعانة بخبراء للتفاوض مع الصندوق.

ضبط هامش الربح
ووفق بيانات رسمية، أعلن الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، التعاون مع أجهزة المحافظات لضبط تحريك الأسعار وهامش الربح وعدم المغالاة.
وفي حديثه لـنيوز عربي، يتوقع الرئيس السابق لشعبة الألبان بالغرفة التجارية بمحافظة الإسكندرية، عادل غباشي ارتفاع أسعار الألبان بنسبة 10% بتأثير زيادات الوقود التي تؤثر برأيه على دورة العمل بدءا من الحصول على الحليب من المزارع ونقله ثم وصوله إلى المستهلك سواء سائلا أو معلبًا، الذي يعتبره المحتمل الرئيسي لتوابع ما يحدث.
ويقول سكرتير شعبة المخابز بالغرفة التجارية للعاصمة القاهرة، خالد فكري في حديثه، لنيوز عربي، أن خبز المواطن البسيط في أمان من توابع الزيادات، لأنه خبز مدعم لم تمسه الزيادة، في حين سيدفع المواطن القادر في الخبز السياحي، زيادة طفيفة، وفق وصفه، تقدر بـ25 قرشا أو 50 قرشا (الجنيه يساوي 100 قرش) في كل رغيف خبز، فارق زيادة التنقلات ولتحقيق هامش ربح، يعين أصحاب المخابز على العمل.
ويشعر إسلام، مدير محل بقالة صغير في أحد ضواحي مدينة 6 أكتوبر، بالقلق من رفع أسعار الوقود بهذه النسبة دفعة واحدة، فيقول لـنيوز عربي: “رفعوها (يقصد الحكومة) جنيهين مرة واحدة، وقبل ذلك كان الرفع جنيها أو أقل، تخيل ما سيحدث من زيادات”، مضيفا أنه ينتظر قائمة أسعار جديدة من تجار الجملة في أي وقت لاحق، وبالتالي سيُحدّث أسعاره للمتعاملين معه.
أعباء جديدة
يؤكد رئيس اتحاد صغار المزارعين، ونقيب فلاحي محافظة الجيزة، هاشم فرج، لـنيوز عربي، تضرر صغار المزارعين من الزيادات، خاصة السولار، الذي يستخدم في آلات الزراعة، بجانب البنزين في النقل، وهو ما يرى أنه سيؤثر على أسعار الأراضي الزراعية المؤجّرة، وتوريد مكاسب أقل للفلاحين، مع تحمل المواطن أعباء الزيادات عند وصول المحاصيل إليه، مشددًا على أن صغار الفلاحين والمواطنين البسطاء يدفعون ثمن أخطاء المسؤولين في الحكومة.
وينتقد السائق رضوان محمد في حديثه لـنيوزعربي، الزيادة المفاجئة، التي كبّدته 40 جنيها إضافية عند ملء سيارته التي يستخدمها في توصيل طلاب المدراس، وقودًا، قبل أن يقوم بجولة صباح السبت 12 أبريل/نيسان، بالسوق، ليجد بائع الخضراوات رفع أسعار بعض مشترياته ما بين نصف جنيه وجنيه، في حين أنه لا يستطيع رفع المقابل الذي يتقاضاه في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.