دراسة تكشف الآلية البيولوجية التي تجعل المراهقات أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بالفتيان
كشفت دراسة جديدة عن الآلية البيولوجية التي تجعل المراهقات أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بالفتيان، وهو ما يسلط الضوء على العوامل البيولوجية التي قد تساهم في هذه الفجوة بين الجنسين.
أُجريت الدراسة من قبل باحثين في معهد الطب النفسي في كينغز كوليدج لندن بالمملكة المتحدة، وتم نشر نتائجها في مجلة “الطب النفسي البيولوجي” (Biological Psychiatry) يوم 24 مارس/آذار 2025. وقد تم تناول نتائج الدراسة بشكل موسع من قبل موقع “يوريك أليرت”.
الاكتئاب: أكثر شيوعًا بين النساء
الاكتئاب هو اضطراب نفسي يؤثر على نحو 280 مليون شخص حول العالم، وتُظهر الأبحاث أن الاكتئاب أكثر شيوعًا بين النساء مقارنة بالرجال. يبدأ هذا النمط عادة في مرحلة المراهقة، حيث يلاحظ زيادة في الحالات بين الفتيات في هذه الفترة.
دور مسار الكينورينين في الاكتئاب
سبق أن درس الباحثون العمليات البيولوجية المسببة للاكتئاب لدى البالغين، وقد أظهرت الأبحاث السابقة دورًا محتملاً لمسار بيولوجي يُعرف بـ “مسار الكينورينين” (kynurenine pathway) في تطور الاكتئاب. يُعتبر هذا المسار أحد المكونات البيولوجية التي قد تساهم في التأثير على الحالة النفسية للأفراد.
التغيرات البيولوجية في المراهقة
وقالت البروفيسورة فاليريا مونديلي، أستاذة علم المناعة العصبية النفسية في معهد كينغز للطب النفسي، إن “فترة المراهقة تشهد تغيرات كبيرة في الدماغ والجسم، ومع ذلك، لا يزال لدينا الكثير لنكتشفه حول العوامل البيولوجية المحتملة التي تسبب الاكتئاب وكيف تؤثر هذه العوامل على الفتيان والفتيات بشكل مختلف خلال هذه الفترة”. وأضافت أنه من المهم فهم هذه العوامل لمساعدة الشباب في التعامل مع الاكتئاب بشكل أفضل.
خلاصة الدراسة: فهم أعمق للفجوة بين الجنسين
تسلط هذه الدراسة الضوء على أهمية دراسة الاختلافات البيولوجية بين الجنسين، وتُبرز الحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لفهم كيفية تأثير هذه العوامل البيولوجية في التفاوت بين الذكور والإناث في ما يتعلق بالاكتئاب. تعتبر هذه النتائج خطوة هامة نحو تحسين استراتيجيات الوقاية والعلاج الموجهة خصيصًا للفتيات في مرحلة المراهقة.
دراسة تكشف العلاقة بين مسار الكينورينين والاكتئاب لدى المراهقات
كشفت دراسة حديثة عن دور مسار الكينورينين في تطور الاكتئاب، خاصة لدى المراهقات، مشيرة إلى أن الاختلالات في هذا المسار البيولوجي قد تكون مسؤولة عن ارتفاع معدلات الاكتئاب بين الفتيات مقارنة بالفتيان.
ما هو مسار الكينورينين؟
مسار الكينورينين هو سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي تُحْلِل التربتوفان (حمض أميني مهم في بناء البروتينات)، والذي يستخدمه الجسم لإنتاج السيروتونين، المادة الكيميائية التي تُنظم المزاج والنوم والشعور بالراحة.
يمكن أن يحدث تحلل التربتوفان في الدماغ بطريقتين مختلفتين: إحداهما تُنتج مواد كيميائية مفيدة للدماغ (تحمي الأعصاب)، بينما الأخرى تُنتج مواد قد تكون ضارة (مضرة للأعصاب). تتضمن هذه العملية منتجات ثانوية مثل حمض الكينورينيك الواقي للأعصاب وحمض الكينولينيك الضار لها.
دور مسار الكينورينين في الاكتئاب
أشارت الدراسة التي أُجريت في معهد كينغز للطب النفسي في لندن إلى دور مسار الكينورينين في تطور الاكتئاب خلال سنوات المراهقة، مما يمكن أن يساعد في تفسير سبب إصابة الفتيات بمعدلات أعلى من الاكتئاب مقارنة بالفتيان.
هل يرتبط حمض الكينورينيك بالاكتئاب؟
أجرى الباحثون دراسة شملت 150 مراهقًا برازيليًا تتراوح أعمارهم بين 14 و16 عامًا، باستخدام فحوصات الدم لقياس مستويات حمضي الكينورينيك والكينولينيك بهدف دراسة كيفية ارتباط هذه المواد الكيميائية بالاكتئاب.
تم تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى تتضمن الأفراد الذين لديهم خطر منخفض للإصابة بالاكتئاب، المجموعة الثانية تشمل الأشخاص ذوي المخاطر المرتفعة، بينما تضم المجموعة الثالثة المراهقين الذين تم تشخيصهم بالاكتئاب.
نتائج الدراسة: انخفاض مستويات حمض الكينورينيك لدى المراهقات
وجد الباحثون أن المراهقين الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، أو الذين تم تشخيصهم به، كان لديهم مستويات أقل من حمض الكينورينيك، الذي يُعتبر وقائيًا للخلايا العصبية مقارنة مع المراهقين الذين صُنّفوا على أنهم أقل عرضة للاكتئاب. وكان هذا الارتباط أكثر وضوحًا بين الفتيات، مما يشير إلى أنهن أكثر عرضة للآثار السلبية لاختلال مسار الكينورينين في الدماغ.
مستقبل البحث وتوجيهات العلاج
وفي تعليقاها على النتائج، قالت الدكتورة نغمة نيكهسلات، الباحثة في مركز كينغز للطب النفسي والسلوكي، إن هذه الدراسة قد تساعد في تحديد الأفراد المعرضين لخطر الاكتئاب المزمن، خاصة بين الإناث. وأضافت أن هذه الرؤية قد تساعد في توجيه الأساليب العلاجية الموجهة لدعم المراهقين المصابين بالاكتئاب، سواء من خلال الأدوية أو من خلال تغييرات نمط الحياة مثل تحسين النظام الغذائي وممارسة الرياضة.
خلاصة الدراسة
خلصت الدراسة إلى أن فهم دور مسار الكينورينين في الدماغ يمكن أن يكون مفتاحًا لتطوير استراتيجيات علاجية تستهدف بشكل أكثر دقة المراهقات اللواتي يعانين من الاكتئاب، وبالتالي تقديم الدعم الفعّال الذي يتناسب مع احتياجاتهن البيولوجية والنفسية.