دراسة تونسية تكشف عن تلوث السردين بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة وتأثيره على الصحة والبيئة
كشفت دراسة تونسية غير مسبوقة عن مستويات مقلقة من التلوث بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة في نوع من الأسماك الأكثر استهلاكاً في تونس، وهو السردين. وقد أثار هذا الاكتشاف مخاوف جدية بشأن التأثيرات السلبية للتلوث البلاستيكي على النظم البيئية البحرية والصحة العامة.
تم تنفيذ البحث على طول الساحل الشمالي لتونس، ونُشرت نتائجه في مجلة “إيكوهيدرولوجي وهيدروبيولوجي”. ويعد هذا التحقيق أول دراسة شاملة تدرس وجود الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في الأسماك الشعبية في تونس، والتي تعد السردين جزءاً كبيراً من نظامها الغذائي.
تعتبر الجسيمات البلاستيكية الدقيقة جزيئات صغيرة يقل حجمها عن 5 ملليمترات، وتنتج عن تحلل المواد البلاستيكية الأكبر حجماً أو يتم تصنيعها للاستخدام الصناعي. وتنتشر هذه الجسيمات في المحيطات والأنهار والبحيرات في جميع أنحاء العالم، مما يشكل تهديدًا كبيرًا للحياة البحرية، وقد تنتقل إلى سلسلة الغذاء عندما يستهلكها البشر.
ومع تصاعد القلق العالمي من التأثيرات السلبية لهذه الجزيئات الصغيرة، قام فريق من مختبر الرصد البيئي بكلية العلوم ببنزرت، جامعة قرطاج، بإجراء هذه الدراسة لفحص مدى انتشار هذه المشكلة في تونس. وتم اختيار السردين باعتباره من الأنواع ذات الاستهلاك المرتفع في البلاد.

دراسة تكشف التلوث البلاستيكي في السردين: 40 عينة تظهر نتائج مقلقة
أجريت دراسة شاملة في تونس لجمع عينات من الأسماك لتحليل مستويات التلوث البلاستيكي الدقيق، حيث تم جمع 40 سمكة من 4 مواقع رئيسية على الساحل الشمالي لتونس: طبرقة، بنزرت، حلق الوادي، وقليبية. تم اختيار 10 عينات من السردين من كل منطقة لتحليل تلوث البلاستيك الدقيق في الجهاز الهضمي والخياشيم لكل سمكة على حدة.
كانت النتائج مذهلة للغاية، حيث تبين أن 92.5% من الأسماك التي تم فحصها تحتوي على بلاستيك دقيق في أجهزتها الهضمية، بينما 72.5% تحتوي على بلاستيك دقيق عالق في خياشيمها. وقد أظهرت تركيزات البلاستيك الدقيق تباينًا كبيرًا بين المناطق، حيث تم العثور على أعلى مستويات البلاستيك في السردين المأخوذ من منطقة بنزرت. في بعض الأسماك، تم الكشف عن وجود 5.86 جزيئات بلاستيكية في الجهاز الهضمي و4.00 جزيئات في الخياشيم.
إضافة إلى ذلك، قامت الدراسة بتحليل أنواع البلاستيك الدقيقة التي تم العثور عليها. تم تصنيف الجزيئات إلى ثلاثة أنواع رئيسية: الألياف، الشظايا، والأغشية، وظهرت بألوان متعددة تشمل الأسود، الشفاف، الأزرق، الأحمر، الأخضر، والأبيض. كما كانت الألياف أكثر أنواع البلاستيك الدقيقة شيوعًا في كل من الجهاز الهضمي والخياشيم. من حيث الحجم، كانت معظم الجسيمات صغيرة جدًا، حيث تراوحت أحجامها بين 0.033 ملم و 0.5 ملم، مما يسهل على الكائنات البحرية ابتلاعها.
تُبرز هذه النتائج القلق المتزايد بشأن التلوث البلاستيكي في البحر، وكيف يمكن أن يؤثر على الحياة البحرية وسلامة الغذاء، مما يستدعي اتخاذ إجراءات جادة للحفاظ على البيئة البحرية وصحة الإنسان.

اكتشاف مثير للقلق: تلوث البلاستيك الدقيق في السردين وتأثيره على البيئة والصحة العامة
تكشف دراسة تونسية حديثة عن مستوى مقلق من التلوث بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة في السردين، وهو من الأسماك الأكثر استهلاكًا في البلاد. هذا الاكتشاف يثير القلق بشأن تأثيرات التلوث البلاستيكي ليس فقط على الأسماك بل على صحة الإنسان أيضًا، نظرًا لدور السردين الحيوي في النظام الغذائي التونسي، كونه مصدرًا غنيًا بالعناصر الغذائية الأساسية مثل البروتينات وأحماض “أوميغا 3” والكالسيوم والحديد.
تأثيرات التلوث البلاستيكي على الحياة البحرية وصحة الإنسان
تدعو هذه النتائج إلى مزيد من البحث حول الآثار الصحية المحتملة لتناول البلاستيك الدقيق عبر استهلاك الأسماك. الجسيمات البلاستيكية الدقيقة يمكن أن تسد القناة الهضمية للأسماك، مما يؤدي إلى سوء التغذية أو حتى المجاعة. كما أن البلاستيك قد يلحق الضرر بخياشيم الأسماك، مما يؤثر على قدرتها على التنفس.
وعلاوة على ذلك، يمكن أن تحمل بعض الجسيمات البلاستيكية مواد كيميائية ضارة مثل الفثالات ومثبطات اللهب والمعادن الثقيلة، مما يزيد من خطر انتقال السموم إلى الإنسان عبر السلسلة الغذائية. هذا يسلط الضوء على ضرورة التعامل مع مشكلة البلاستيك الدقيق بشكل عاجل.
السردين كمؤشر بيولوجي لمراقبة التلوث البلاستيكي
من الجدير بالذكر أن 64% من سكان تونس يعيشون على طول الساحل الشمالي، حيث أجريت الدراسة، مما يجعل السردين أحد المنتجات الأساسية في النظام الغذائي المحلي، ويعكس حجم التلوث البلاستيكي في البيئة البحرية. كما أنه يمثل 25% من إجمالي صيد الأسماك في البلاد، ويعد من أهم منتجات صناعة التعليب.
تُعتبر نتائج هذه الدراسة بمثابة مؤشر بيولوجي هام لرصد تلوث البلاستيك البحري، وهي دعوة لتكثيف الجهود لمكافحة التلوث البلاستيكي وضمان سلامة الغذاء. تدعو الدراسة إلى تكثيف الوعي العام حول المخاطر الصحية التي تشكلها الجسيمات البلاستيكية الدقيقة وتبني حلول مستدامة للحد من النفايات البلاستيكية.
دراسات مماثلة على الصعيد العالمي
هذه الدراسة تأتي في سياق عالمي يعكس التوسع في أبحاث البلاستيك الدقيق، حيث تم العثور على البلاستيك في الأسماك في أماكن متعددة حول العالم، بما في ذلك محيطات المحيطات العالمية. كما أشارت دراسات أخرى إلى وجود البلاستيك في دم الإنسان، مما يزيد من القلق حول التأثيرات الصحية طويلة المدى للبلاستيك الدقيق.
ويؤكد الدكتور مجدي علام، مستشار مرفق البيئة العالمي، أن هذه الدراسات تدعم ضرورة تبني اللوائح الأكثر صرامة للحد من تلوث البلاستيك، داعيًا إلى إجراء دراسات مماثلة في البلدان العربية.
نصائح للمستهلكين
بالنسبة للمستهلكين، يوصي الدكتور علام بالتخلص من بطن السمكة أثناء الطهي، وإذا كان لا يرغب في التخلص منها، يجب تنظيفها جيدًا وإزالة أي نقاط بيضاء قد تكون هي الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، والتي غالبًا ما يعتقد البعض أنها ملح. هذه النقاط يمكن أن تكون ضارة بالصحة وتستدعي الحذر.
خلاصة
هذه الدراسة تمثل نقطة مرجعية مهمة لفهم تأثير البلاستيك الدقيق على البيئة وصحة الإنسان، وتدعو إلى اتخاذ خطوات عملية على الصعيدين الوطني والدولي للحد من تلوث البلاستيك وضمان سلامة الموارد الغذائية البحرية.