• Home  
  • سول عاصمة التناقضات والحداثة المتجذرة في العراقة
- سفر

سول عاصمة التناقضات والحداثة المتجذرة في العراقة

من موطن شركات التقنية الكبرى مثل سامسونغ وإل جي وهونداي وكيا وغيرها، قد يظن الزائر إلى العاصمة الكورية الجنوبية أن المدينة ستكون محاطة فقط بأبراج شاهقة وتقنيات حديثة. ولكن بينما تتألق سول بأضوائها المبهرة وتنغمس في الحياة العصرية، تحتضن أيضًا القصور والأضرحة القديمة والمنازل التراثية التقليدية. هذه المدينة، التي تمزج بين التاريخ والحداثة، تقدم لوحة […]

20250218 135632 Copy 1739908618

من موطن شركات التقنية الكبرى مثل سامسونغ وإل جي وهونداي وكيا وغيرها، قد يظن الزائر إلى العاصمة الكورية الجنوبية أن المدينة ستكون محاطة فقط بأبراج شاهقة وتقنيات حديثة. ولكن بينما تتألق سول بأضوائها المبهرة وتنغمس في الحياة العصرية، تحتضن أيضًا القصور والأضرحة القديمة والمنازل التراثية التقليدية. هذه المدينة، التي تمزج بين التاريخ والحداثة، تقدم لوحة فنية فريدة تأسر قلوب زائريها.

في مقالنا على “نيوز عربي”، نقدم لكم رحلة ساحرة عبر معالم وأحياء مدينة سول، لنأخذكم في جولة بين سحر الماضي وروح الحاضر، حيث التاريخ يلتقي مع الحداثة في مزيج رائع.

صورة لأحد الأبراج في ساحة جونغاك في العاصمة الكورية سول
صورة لأحد الأبراج الحديثة في ساحة جونغاك في العاصمة سول والتي تعكس التطور المعماري في المدينة 

فسول التي تأسست منذ أكثر من ألفي عام كعاصمة لمملكة “بيكجي”، شهدت صعود وسقوط ممالك وإمبراطوريات تركت بصماتها في كل زاوية من زوايا المدينة التي يقطنها حاليا أكثر من 10 ملايين نسمة، وعاصرت تحولات كبيرة، من حكم سلالة “جوسون” التي استمرت لأكثر من 500 عام، إلى الاحتلال الياباني في أوائل القرن الـ20، ثم التحرير وتقسيم كوريا بعد الحرب العالمية الثانية.

الأضرحة والآثار في كل مكان

على مسير غير كبير من الفندق الذي أقيم فيه في وسط المدينة أطل علينا جناح “بوسينغاك” ويعرف أيضا باسم “جونغاك”، ويضم في طابقه العلوي جرسا ضخما كان يستخدم لضبط الوقت في سول خلال فترة مملكة جوسون (1392-1897).

جناح "بوسينغاك" في سول والذي يضم جرسا عملاقا في الطابق الثاني منه
جناح “بوسينغاك” الأثري في سول لا يزال صامدا بين العمران رغم تعرضه لحريق أثناء حرب الكوريتين 

احترق مبنى بوسينغاك أثناء حرب الكوريتين ثم أعيد بناؤه في عام 1979، ونقل جرسه الأصلي إلى المتحف الوطني الكوري بسبب الشقوق التي جعلته غير صالح للقرع، وتم صنع جرس جديد طبق الأصل عنه في عام 1985.

وعند زيارتنا له وجدنا أنهم يسمحون للسياح بقرعه كل يوم أربعاء بين الساعة 11 و12 ظهرا، لكن مع ذلك يُقرع هذا الجرس 33 مرة في منتصف ليلة 31 ديسمبر/كانون الأول للترحيب بالسنة الجديدة.

نسخة طبق الأصل من جرس جونغاك الأصلي في سول
نسخة طبق الأصل من جرس جونغاك الأصلي في سول 

وعلى غير بعيد من هذا الجناح الفريد قابلنا نصبا تذكاريا صغيرا بني لتكريم الذكرى الـ40 لتتويج جوجونغ ملكا لسلالة جوسون في 13 ديسمبر/كانون الثاني 1863 وكان عمره حينذاك 11 عاما.

قصر غيونغ بوكغونغ

قررنا بعد ذلك التوجه إلى قصرغيونغ بوكغونغ في قلب سول، والذي يعد أكبر القصور الملكية الخمسة التي بنيت في عهد سلالة جوسون، لكن كان بانتظارنا في مطلع الطريق قائد عسكري كبير هو الأدميرال يي سون سين، بطل الحرب الكوري في القرن الـ16، يقف شامخا على ارتفاع 17 مترا كأنه يرحب بزوار القصر ويحذرهم في الوقت نفسه من ارتكاب أي خطأ وهو يحمل سيفه إلى يمينه بكل ثقة.

تمثال الأدميرال يي سون سين بطل الحرب الكورية في القرن السادس عشر
تمثال الأدميرال يي سون سين بطل الحرب الكورية في القرن الـ16 كان بانتظارنا في الطريق إلى القصر 

بعد تجاوز هذا القائد العسكري الكبير سرنا مسافة أخرى لنلتقي وجها لوجه بالملك سيجونغ العظيم (1397-1450)، ملك سلالة جوسون الرابع والأب الروحي لكوريا الحديثة، والذي يبجله الكوريون بسبب الثورة الحضارية التي قام بها من خلال تطوير حروف الهانغل (الأبجدية الكورية) مما أعطى دفعة علمية كبيرة لعصره.

تمثال سيجونغ العظيم ملك جوسون
تمثال سيجونغ العظيم ملك جوسون ويظهر أمامه مجسم “الكرة السماوية الكورية” إحدى اختراعات عصره 

رحبنا بالملك واطلعنا على الاختراعات المجسمة أمام تمثاله، والتي يروى أن الملك دعم مخترعها جانغ يونغ سيل حتى أصبح جانغ من أبرز المخترعين في التاريخ الكوري، ومنها آلة الكرة السماوية الكورية وساعة لقياس الوقت بظل الشمس وجهاز لقياس كمية هبوط المطر.

بعد ذلك سمح لنا الملك بالمضي لزيارة القصر الكبير الذي يعود للقرن الـ14 والذي تم تدميره خلال الاحتلال الياباني قبل أن يعيد الكوريون ترميمه، ويُعد شاهدا على العمارة الكورية التقليدية بأسقفه المنحنية وألوانه الزاهية التي تعكس ذوق الملوك والأباطرة الذين حكموا كوريا في الماضي.

قصر غيونغ بوكغونغ في العاصمة سول
قصر غيونغ بوكغونغ في العاصمة سول 

ويحيط بالقصر حدائق خلابة تعكس الروح الهادئة لتلك الحقبة التي بني بها، كما يضم متحفا وطنيا داخل أسواره يعرض آثارا تاريخية نادرة، مما يجعله وجهة مفضلة للسياح والمقيمين على حد سواء. لكن للأسف كان القصر مغلقا أمام الزوار لأسباب لم نعرفها، ومع ذلك لم يفت هذا في عضدنا فزرنا المتحف ثم أكملنا جولتنا في معالم سول العديدة.

صورة علوية لقصر غيونغ بوكغونغ في سول
صورة من أرشيف الجزيرة لقصر غيونغ بوكغونغ في سول الذي كان مغلقا وقت زيارته 

بوكتشون هانوك

قررنا المضي في جولتنا لزيارة حي بوكتشون الشهير الذي يتميز ببيوته الكورية التقليدية، لكن هذا لم يمنع أن نصادف في طريقنا العديد من تلك المنازل العريقة والتي بدأت أعداد المتخصصين في بنائها ومعماريتها تتقلص مع تقدم العصر.

منزل كوري على الطراز التقليدي في العاصمة سول
مطعم كوري على الطراز التقليدي في العاصمة سول 

كان التوجه إلى حي بوكتشون هانوك عبارة عن رحلة صعود طويلة، حيث يستقر هذا الحي في منطقة مرتفعة ويتميز بانتشار تلك البيوت التقليدية التي يسكنها على الأغلب فئة الأثرياء نظرا لجمالها والتكلفة المرتفعة جدا لشراء منزل فيها.

ويمكن لزائر هذه المنطقة أن يعيش تجربة فريدة في البيوت الكورية التقليدية، التي تتميز بأسقفها المنحنية وجدرانها الطينية. كما يمكن له أن يتذوق الأطباق الكورية التقليدية، ويتجول في الأزقة الضيقة التي تعبق برائحة التاريخ.

أحد المطاعم في حي بوتشكون هانوك بسول
سائحة تدخل أحد المطاعم في حي بوكتشون هانوك 

جبل نامسان ونهر هان

وعلى الرغم من كونها مدينة ضخمة فإن سول تحرص على الحفاظ على مساحات خضراء واسعة، مثل جبل “نامسان”، الذي يقع في قلب المدينة، ويعد مكانا مثاليا للهروب من صخب الحياة اليومية، حيث يمكن للزائر أن يتجول بين الأشجار ويصل إلى قمة الجبل ليرى منظرا بانوراميا للمدينة.

كما أن هناك نهر “هان”، الذي يمر عبر سول، ويعد أيضا شريان الحياة للمدينة، حيث يمكن للزائر أن يمارس على ضفاف النهر رياضة الجري أو ركوب الدراجات، أو ببساطة الاستمتاع بالهدوء الذي يوفره هذا المكان وسط العاصمة الصاخبة.

جبل نامسان ونهر هان في سول
صورة من أرشيف الجزيرة لجبل نامسان ونهر هان في سول 

طرائف من سول

خلال جولتنا في العاصمة، وفور دخولنا إلى أحد الأحياء السكنية صادفتنا لافتة تحمل جملة معبرة تقول إن “هذه منطقة سكنية، رجاء لا تزعج الجيران في المنطقة”، وفي حي بوكتشون هانوك العريق صادفتنا مرارا لافتات تحذر السياح من زيارة المنطقة في الفترة ما بين الساعة 5 مساء و10 صباحا تحت طائلة الغرامة، وذلك حفاظا على هدوء المنطقة وراحة سكان المنازل، فالهدوء في كوريا قبل أي شيء.

الهدوء وعدم الإزعاج قبل أي شيء في الأحياء السكنية في العاصمة سول
الهدوء وعدم الإزعاج قبل أي شيء في الأحياء السكنية في العاصمة سول 

وخلال تجوالنا في شوارع المدينة صادفنا بعض كبار السن وهم في حالة تأمل كأنهم أصنام متحجرة، كما مررنا على طريق وضعت على جدار سور أحد مبانيه عشرات بوكيهات الورد والتي فهمنا أنها عادة كورية متبعة عند وفاة أحد سكان المبنى أو العاملين فيه إن كان مؤسسة حكومية أو شركة خاصة.

عشرات بوكيهات الورد تغطي السور الخارجي لأحد المباني في سول
عشرات بوكيهات الورد تغطي السور الخارجي لأحد المباني في سول 

ولا يزال لدينا الكثير لنشاركه، ولكننا نكتفي بما سردناه في جولتنا عبر سول، التي تُعد بحق مدينة التناقضات. حيث يلتقي فيها الماضي بالحاضر، والتقاليد بالحداثة، مما يخلق تجربة فريدة تأخذك في رحلة عبر الزمن، وتجعلها تجربة لا مثيل لها.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من نحن

“نحن في موقع نيوز عربي نولي اهتمامًا كبيرًا بتجربة المستخدم، حيث يتم تحسين المحتوى والعروض الترويجية بناءً على تحليلات دقيقة لاحتياجات الزوار، مما يسهم في تقديم تجربة تصفح سلسة ومخصصة.”

البريد الالكتروني: [email protected]

رقم الهاتف: +5-784-8894-678