[ad_1]
التوصيل إلى المنازل: راحة أم تحديات اجتماعية وبيئية؟
يعتبر طلب الطعام عبر خدمات التوصيل من أبرز الابتكارات التي شهدها الإنسان المعاصر، حيث يساهم في تلبية الرغبة في الراحة وتوفير الوقت. لكن، بالرغم من الازدهار الذي تشهده هذه الخدمة، إلا أن لها تأثيرات سلبية على المجتمع والبيئة، كما تشير سالومي غارسيا في مقالها المنشور في صحيفة “البايس” الإسبانية.
وفقًا لآراء غارسيا، فإن التوسع في استخدام خدمات التوصيل أدى إلى ضعف الاستدامة، وزيادة التلوث والهدر، حيث ينتج عن تلك الخدمات كمية ضخمة من الحاويات البلاستيكية التي تُستخدم لمرة واحدة. كما تسببت هذه الخدمة في العزلة الاجتماعية، حيث أصبح الناس يميلون أكثر إلى التخلي عن التواصل الاجتماعي التقليدي في حين يفضلون تناول الطعام في منازلهم أمام شاشات الأجهزة الذكية.
ويضيف غارسيا أن المطابخ المنزلية قد أصبحت مهجورة، حيث تتراجع أهمية الطهي المنزلي في ظل اعتماد الأفراد على الطعام الجاهز. بالإضافة إلى ذلك، تعزز هذه الظاهرة استهلاك الأطعمة غير الصحية مثل الهمبرغر، البطاطس المقلية، والمشروبات الغازية، مما يسهم في تفشي العادات الغذائية السيئة.
تغيير نمط الحياة أصبح واضحًا أيضًا في رأي المخرجة إيفا بالارين، التي سلطت الضوء في فيلمها الوثائقي “الطعام كخدمة” على تحول سلوك الناس تجاه الطعام. فقد كان في الماضي يتم طلب الطعام أثناء مشاهدة فيلم أو مباراة رياضية أو لاستقبال الضيوف، ولكن مع تطور التكنولوجيا أصبح معظم الناس يفضلون طلب الطعام إلى المنازل بسهولة عبر هواتفهم الذكية، متجاهلين بذلك الاعتماد على الثلاجة والمطبخ.
في ضوء هذه التحولات، يشير الخبراء إلى أهمية التفكير في الآثار الاجتماعية والبيئية لهذه الراحة الحديثة التي يمكن أن تؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية وصحة الأفراد، ويحثون على إيجاد حلول مستدامة للحد من آثار هذه الظاهرة.

التوصيل إلى المنازل: ظاهرة تزداد شعبيتها مع تحديات صحية وبيئية
أظهرت الإحصاءات الحديثة أن الإقبال على خدمات توصيل الطعام بدأ يزداد بشكل ملحوظ بين الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الـ50 عامًا، حيث بات العديد منهم يفضلون الحصول على الطعام من خلال التوصيل إلى المنزل. بينما في فئة الشباب، أظهرت الدراسات أن 95% من الأشخاص لا يغادرون منازلهم ويفضلون تناول الطعام الذي يتم توصيله مباشرة إلى باب المنزل، سواء كانوا مع شريك الحياة أو الأصدقاء أو العائلة.
ومن المثير للاهتمام أن العديد من الأشخاص لا يعيرون اهتمامًا كبيرًا لحالة الطعام عند وصوله إلى منزلهم. حتى إذا لم يكن الطعام قد وصل ساخنًا بما فيه الكفاية، يتسرع الكثيرون في تناوله دون التفكير في ظروف حفظه أو درجته الحرارية منذ وقت الطلب، وهو ما يمثل خطرًا على سلامة الطعام.
حجم سوق خدمة توصيل الطعام
من الواضح أن خدمات توصيل الطعام قد أصبحت جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية لملايين الأشخاص حول العالم، حيث بلغ حجم سوق توصيل الطعام عبر الإنترنت أكثر من تريليون دولار في عام 2023. ينقسم السوق إلى 630 مليار دولار لقطاع توصيل البقالة و390 مليار دولار لقطاع توصيل الوجبات. وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يصل حجم السوق العالمي إلى 1.85 تريليون دولار بحلول عام 2029، وفقًا لما ذكره موقع “إستاتيستا”.
بينما يعكس هذا النمو الكبير في السوق الراحة التي توفرها خدمات التوصيل، تظل هناك تحديات صحية وبيئية مرتبطة بتلك الظاهرة التي تتطلب الوعي والإجراءات المناسبة للحد من تأثيراتها السلبية.

خطر الأمراض المنقولة بالغذاء وتأثير درجة حرارة الطعام على الصحة
كشفت المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها أن 48 مليون شخص يصابون سنويًا بأمراض ناتجة عن التلوث الغذائي. من بين هؤلاء، يدخل 128 ألف شخص إلى المستشفيات، وتُسجل حوالي 3 آلاف حالة وفاة بسبب الأمراض المنقولة عبر الطعام.
حجم سوق توصيل الطعام في الولايات المتحدة
فيما يتعلق بخدمات توصيل الطعام، سجل حجم السوق في الولايات المتحدة أكثر من 28 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يتجاوز هذا الرقم 66 مليار دولار بحلول عام 2032. هذه الزيادة الكبيرة في السوق تعكس تزايد الاعتماد على خدمات توصيل الطعام عبر الإنترنت، لكنها تثير في الوقت ذاته مخاوف تتعلق بجودة وسلامة الطعام الذي يتم توصيله.
درجة حرارة الطعام والمخاطر الصحية
وحذر علماء سلامة الغذاء من المخاطر التي قد تنتج عن تناول طعام أصبح فاترا بعد أن كان ساخنًا في السابق. وفقًا للإرشادات الصادرة عن وزارة الزراعة الأميركية، يعد الطعام الذي يتعرض للحرارة في ما يُسمى “منطقة الخطر”، وهي درجة حرارة تتراوح بين 40 إلى 140 فهرنهايت (من 4.5 إلى 60 درجة مئوية)، معرضًا للنمو السريع للبكتيريا، حيث يتضاعف عددها في أقل من 20 دقيقة.
وأشار مات تايلور، المدير العالمي الأول للاستشارات الغذائية في مؤسسة العلوم الوطنية، إلى أن “كلما طالت مدة بقاء الطعام في هذه المنطقة، زادت المخاطر الصحية.” وأوضح أيضًا أن هذه المخاطر تزداد بشكل خاص في فصل الصيف عندما ترتفع درجة الحرارة فوق 90 فهرنهايت (أي 32 درجة مئوية)، حيث تنخفض المدة الزمنية المسموح بها لترك الطعام في منطقة الخطر من ساعتين إلى ساعة واحدة فقط.

توصيل الطعام: كيف تحمي نفسك من المخاطر الصحية؟
بينما يعتبر بعض الخبراء أن هناك طرقًا محدودة لحماية أنفسنا من عواقب مشكلة درجة حرارة الطعام، يفضل آخرون تجنب فكرة التوصيل تمامًا بسبب تزايد حالات التسمم الغذائي.
أهمية درجة حرارة الطعام في التوصيل
قال دارين ديتويلر، المستشار السابق في إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في حديثه لصحيفة ديلي ميل، إن “تأخر وصول الطعام قد يعرضه للعديد من المخاطر الصحية”، مشيرًا إلى أنه “من المحتمل ألا يتم الاحتفاظ به في درجة الحرارة المناسبة أثناء عملية التوصيل”. وأكد أن “الوصول المتأخر للطعام ليس مجرد إزعاج، بل قد يُسبب المرض”. فكلما طال وقت الانتظار، قل الوقت الذي يقضيه الطعام في درجة الحرارة المناسبة، مما يجعله عرضة لبكتيريا مثل السالمونيلا، وهي واحدة من أشهر مسببات التسمم الغذائي.
تدابير أساسية لضمان سلامة الطعام
إذا كنت مصرًا على طلب الطعام عبر خدمة التوصيل، يقدم خبراء سلامة الغذاء بعض النصائح الأساسية للحفاظ على صحتك:
-
تجنب الطلب خلال أوقات الذروة
يوصي الدكتور مات تايلور بتجنب الطلب خلال فترات الذروة، حيث تستغرق عمليات التسليم وقتًا أطول، مما يعني زيادة الوقت الذي يظل فيه الطعام في “منطقة الخطر”. لذلك، يفضل طلب الطعام في أوقات هادئة لتقليل المخاطر. -
تجنب الأطعمة ذات المخاطر العالية
بناءً على تحذيرات الدكتور دارين ديتويلر، يُنصح بتجنب طلب الأطعمة التي تحتوي على مخاطر صحية أعلى، مثل:-
الأرز المطبوخ والمقلي.
-
البيض النيء.
-
الأسماك النيئة.
-
السلطات والفواكه المقطعة، خاصة الشمام أو الكانتالوب.
-
-
استلام الطعام بسرعة
تجنب ترك الطعام على عتبة الباب أو في الأماكن المكشوفة لفترات طويلة. ينصح تايلور بـ “أخذ الطعام إلى الداخل والتعامل معه فورًا” لضمان سلامته. -
نظافة الأيدي والأسطح
يوصي تايلور أيضًا بغسل اليدين جيدًا قبل التعامل مع الطعام، وتنظيف وتعقيم الأسطح التي توضع عليها الوجبات لضمان الوقاية من التلوث.

- نصائح لضمان سلامة الطعام عند استخدام خدمة التوصيل
بينما تحظى خدمات توصيل الطعام بشعبية متزايدة بفضل الراحة التي توفرها، فإن ضمان سلامة الطعام عند وصوله إلى منزلك يتطلب بعض العناية والاهتمام. إليك بعض النصائح الأساسية لضمان تناول وجبتك بأمان:
1. فحص الطعام عند استلامه
قبل التركيز على التفاصيل مثل الصلصات أو المخللات، ينصح مات تايلور، مستشار سلامة الغذاء، بالتحقق أولًا من درجة حرارة الطعام. “تأكد من أن الطعام الساخن لا يزال ساخنًا والطعام البارد لا يزال باردًا”، كما يوصي باستخدام عينك وأنفك لفحص عبوة الطعام والتأكد من عدم وجود علامات تلاعب أو تلف. إذا كانت رائحة الطعام غير طبيعية أو تثير الشكوك، “تخلص منه فورًا واتصل بالمطعم”.
2. تناول الطعام على الفور
من المهم تناول الطعام فور استلامه، حيث لا يمكن معرفة المدة التي قضاها الطعام في درجات حرارة غير آمنة بين وقت التحضير ووقت التسليم. وفقًا لبرايان كوك لي، مستشار علوم الأغذية، “تناول الطعام دائمًا في أسرع وقت ممكن لضمان سلامته”.
3. تبريد بقايا الطعام بسرعة
إذا تبقى لديك بقايا طعام، ينصح برايان كوك لي بتبريدها في أسرع وقت ممكن لتفادي تكاثر البكتيريا. من الأفضل وضع الطعام المتبقي في الثلاجة فورًا لضمان الحفاظ على سلامته.
4. التقاط الطعام بنفسك
إذا كنت تفضل تجنب المخاطر المرتبطة بخدمات التوصيل، يمكنك مثل دينيس داميكو، أستاذ علم الأحياء الدقيقة بجامعة كونيتيكت، أن تلتقط طعامك بنفسك. يقوم داميكو بزيارة المطعم قبل وقت التسليم المحدد، ثم يتأكد من وضع الطعام في حاويات معزولة ليأخذها إلى منزله مباشرة لتناوله بأمان.
5. إعادة تسخين الطعام بشكل صحيح
إذا كان عليك إعادة تسخين الطعام، فإن الاحتياطات مهمة. ينصح دينيس داميكو بإعادة تسخين الأطعمة المطبوخة دائمًا إلى درجة حرارة داخلية تبلغ 165 درجة فهرنهايت (75 مئوية) لضمان القضاء على أي بكتيريا. إذا كنت تعيد تسخين الصلصات أو الحساء، يجب أن يغلي تمامًا قبل تناوله.
أما عند استخدام الميكروويف، فمن المهم أن تغطّي الطعام وتديره بشكل متساوٍ لتجنب التسخين غير المتساوي، حيث يجب تركه لبضع ثوانٍ حتى يصل إلى الدرجة الداخلية المناسبة.
خاتمة
تعتبر خدمات توصيل الطعام خيارًا مريحًا، لكنها تتطلب بعض الاهتمام لضمان سلامتك وصحتك. من خلال اتباع هذه النصائح البسيطة، يمكنك الاستمتاع بوجباتك بأمان دون القلق من المخاطر الصحية المرتبطة بدرجة حرارة الطعام.
[ad_2]