منذ بداية أبريل/نيسان، بدأت الأسواق المالية تتقلب بشدة، وذلك نتيجة قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتعلقة بالتعريفات الجمركية الجديدة. لم تمثل هذه الخطوات مجرد تحركات مؤقتة، بل شكلت تحولًا جذريًا في قواعد النظام التجاري العالمي. ومن المرجح أن تقود هذه السياسات إلى إعادة تشكيل المنظومة الاقتصادية والسياسية بشكل غير مسبوق.
💹 سوق السندات يتفاعل بسرعة
تفاعلت سوق السندات الأميركية فورًا مع هذه التحولات. ارتفعت العوائد بشكل كبير، مما دفع الإدارة الأميركية إلى مراجعة بعض السياسات الجمركية مؤقتًا. عادة ما يُنظر إلى السندات كملاذ آمن خلال الأزمات، إلا أن هذه المرة عكست العوائد المرتفعة حالة من القلق العام وعدم اليقين في الأسواق.
💰 ما هو السند؟
السند عبارة عن أداة مالية تصدرها الحكومات أو الشركات عندما تحتاج إلى تمويل إضافي. يمنح السند لصاحبه فائدة ثابتة تُصرف على مدى فترة زمنية محددة. عند نهاية المدة، تعيد الجهة المُصدرة أصل المبلغ للمستثمر.
🔎 لماذا تلجأ الحكومات إلى إصدار السندات؟
تلجأ الحكومات إلى هذه الأداة التمويلية عندما تواجه عجزًا في الميزانية أو ترغب بتمويل مشاريع تنموية. على سبيل المثال، بدلًا من رفع الضرائب أو زيادة الاقتراض من البنوك، تطرح الحكومات سندات تجذب المستثمرين. وبهذا تُخفف من الضغط الاقتصادي والسياسي في آن واحد.
📊 كيف يُحسب العائد على السند؟
العائد هو نسبة الفائدة التي يتقاضاها المستثمر. يعكس هذا العائد مستوى الثقة في الجهة المُصدرة. على سبيل المثال، إذا ارتفع العائد، فقد يشعر المستثمرون بقلق من قدرة الدولة على السداد أو من توقعات التضخم المستقبلية.
📉 العوامل المؤثرة في سوق السندات:
-
الوضع الاقتصادي العام:
الاقتصاد القوي يرفع من ثقة المستثمرين، مما يقلل من مخاطر التمويل. -
التصنيف الائتماني:
كلما ارتفع التصنيف، زادت الثقة في قدرة الدولة على السداد، وانخفض العائد. -
الطلب والعرض:
عندما يرتفع الطلب على السندات، تنخفض العوائد. في المقابل، يؤدي قلة الطلب إلى ارتفاعها. -
أسعار الفائدة:
هناك علاقة عكسية بين أسعار الفائدة وأسعار السندات. عندما ترتفع الفائدة، تنخفض أسعار السندات القديمة. -
قرارات البنوك المركزية:
تلعب هذه القرارات دورًا حيويًا في تحديد اتجاه السوق، خصوصًا عند تغيير الفائدة. -
التضخم المتوقع:
كلما ارتفع التضخم، ارتفع العائد لتعويض المستثمر عن تآكل قيمة أمواله. -
الاضطرابات السياسية:
تؤثر التوترات الجيوسياسية على ثقة المستثمرين، مما يرفع العوائد المطلوبة. -
تقلبات العملات:
تؤثر تغيّرات أسعار الصرف على السندات المُقومة بعملات أجنبية. -
العوامل النفسية:
تسود الأسواق أحيانًا مشاعر الخوف أو الطمع، ما يدفع المستثمرين لاتخاذ قرارات غير عقلانية.
⚠️ لماذا يعتبر ارتفاع عوائد السندات مؤشر خطر؟
-
زيادة تكلفة الاقتراض:
تزداد تكلفة التمويل الحكومي والخاص، مما يؤدي إلى تراجع النمو. -
ضغط على الأسهم:
يفضّل المستثمرون السندات على الأسهم في ظل ارتفاع العوائد، مما يؤدي إلى بيع جماعي في سوق الأسهم. -
زيادة أعباء الدين:
تضطر الحكومات لدفع فوائد أعلى، مما يُضعف قدرتها على تمويل الخدمات الأساسية. -
إشارات التضخم:
تشير العوائد المرتفعة إلى توقعات بتضخم قادم، ما يدفع البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة. -
تأثير سلبي على العملة:
تؤدي العوائد المرتفعة إلى تدفق رؤوس الأموال، مما يرفع قيمة العملة ويُضعف الصادرات. -
موجات هلع في السوق:
التغيرات المفاجئة في سوق السندات قد تؤدي إلى زعزعة الثقة وتفاقم التوتر المالي.
🇺🇸 أميركا: أزمة ديون تلوح في الأفق
بلغ الدين الأميركي أكثر من 36 تريليون دولار بنهاية فبراير 2025. ومع كل ارتفاع في العوائد، تزداد تكلفة خدمة الدين. هذا الواقع يُقلص من الموارد المتاحة للإنفاق العام، ويزيد الضغوط على السياسات المالية.
في الوقت ذاته، تراجعت الأسواق الأميركية فور فرض الرسوم الجديدة. حتى سوق السندات، الذي كان يُمثل ملاذًا آمنًا، شهد عمليات بيع غير مسبوقة. ويبدو أن المستثمرين فقدوا ثقتهم بالاستقرار الاقتصادي على المدى القريب.
🧭 خاتمة: هل نحن على أعتاب أزمة مالية؟
لا شك أن العوائد المرتفعة تمثل جرس إنذار قوي. وإذا لم تتحرك الحكومات والبنوك المركزية بسرعة، فقد نواجه أزمة جديدة شبيهة بأزمة 2008. ومن هنا، يصبح من الضروري اتخاذ قرارات استراتيجية لاحتواء الوضع وضمان استقرار الأسواق.