محاكمات تُثير الجدل
بدأت المحكمة الابتدائية في تونس، صباح اليوم الجمعة، جلسات جديدة في قضية “التآمر على أمن الدولة”. وتشمل هذه القضية أربعين شخصية معارضة، يمثل معظمهم أمام المحكمة عن بُعد باستخدام تقنية الفيديو.
أثار هذا الإجراء غضب المحامين وعائلات المعتقلين. وقد اعتبرته منظمات حقوقية تعدٍّ على حق الدفاع وخرقًا لمبادئ العدالة.
استمرار التوقيف رغم غياب الأدلة
تواصل السلطات القضائية حبس المتهمين منذ أكثر من عام، رغم مطالبة فرق الدفاع بالإفراج المؤقت عنهم.
يرى المحامون أن الملف القضائي يفتقر إلى الأدلة، مؤكدين أن دوافع المحاكمة سياسية وليست قانونية.
في هذا السياق، وصف المحامي سمير ديلو القضية بأنها “أداة لتصفية الحسابات السياسية تحت غطاء قانوني”.

إضرابات جوع في السجون
ردًا على استمرار توقيفهم، دخل عدد من المعتقلين في إضرابات جوع.
بدأ جوهر بن مبارك الإضراب في 30 مارس، وسرعان ما التحق به عصام الشابي، وغازي الشواشي، وعبد الحميد الجلاصي، وخيام التركي، ورضا بالحاج.
كما أعلن السيد الفرجاني عن دخوله في إضراب تدريجي عن الطعام، أكد أنه سيتحول إلى “إضراب وحشي” يشمل الامتناع عن شرب الماء.
ضغوط على المجتمع المدني
حاول نشطاء حقوقيون تنظيم محاكمة رمزية أمام المحكمة لإبراز الانتهاكات، لكن قوات الأمن منعت هذا النشاط.
صرّح بسام الطريفي، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، لـ”نيوز عربي”، أن السلطات تمنع حتى أشكال التعبير السلمي.
وأضاف أن هذا المنع يعكس مزيدًا من التضييق على الحريات العامة.
مقاطعة الجلسات ورفض الامتثال
قرّر عدد من المتهمين مقاطعة جلسات المحكمة، مؤكدين رفضهم المثول أمام قضاء “خاضع للسلطة التنفيذية”، بحسب وصفهم.
وجّه المعارض نجيب الشابي رسالة مفتوحة إلى هيئة المحكمة، اعتبر فيها أن المحاكمة تفتقد إلى النزاهة.
كما أكد رياض الشعيبي أن المتهمين سيواصلون النضال القانوني من داخل الزنازين.
تحذيرات دولية تتزايد
أعربت منظمات دولية، مثل “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية”، عن قلقها من محاكمات مغلقة لا تحترم معايير العدالة.
طالبت هذه الجهات بتمكين المتهمين من المثول الفعلي أمام المحكمة وتوفير محاكمة علنية.
كما شددت على ضرورة وقف المحاكمات السياسية التي تهدد صورة تونس دوليًا.
اتهامات موجهة للرئيس
اتهمت أطراف سياسية الرئيس قيس سعيد باستعمال القضاء كأداة لتصفية خصومه.
منذ إعلان التدابير الاستثنائية في يوليو 2021، علّق سعيد العمل بالدستور، وحلّ البرلمان، وأصدر القوانين عبر المراسيم.
في المقابل، شدّد الرئيس على أن تحركاته تهدف إلى “تطهير البلاد من الفساد” ودعم استقلال القضاء.
أزمة مفتوحة على كل السيناريوهات
مع استمرار التوقيفات والمحاكمات، وتصاعد الإضرابات، تدخل تونس مرحلة سياسية حرجة.
تتزايد المخاوف من تداعيات حقوقية واقتصادية، خاصة مع اتساع رقعة الاحتجاجات.
يؤكد مراقبون أن تجاوز الأزمة يتطلب حوارًا وطنيًا صادقًا، وإرادة سياسية لاحترام استقلال القضاء والحريات الأساسية.