• Home  
  • البنوك الخاصة في سوريا.. عقبات ومتطلبات إعادة الهيكلة
- اقتصاد

البنوك الخاصة في سوريا.. عقبات ومتطلبات إعادة الهيكلة

تأسست البنوك الخاصة في سوريا بموجب القانون رقم 29 الصادر عام 2001، وهو القانون الذي فتح الباب لأول مرة أمام إنشاء مؤسسات مصرفية خاصة في البلاد. ونتيجة لذلك، أُطلق أول مصرف خاص في سوريا، وهو بنك بيمو السعودي الفرنسي، وذلك عام 2003. ثم تبعته مجموعة من البنوك التجارية الخاصة، مثل: بنك عوده، بنك سوريا والخليج، […]

RC28QBAXGPZY 1734430577

تأسست البنوك الخاصة في سوريا بموجب القانون رقم 29 الصادر عام 2001، وهو القانون الذي فتح الباب لأول مرة أمام إنشاء مؤسسات مصرفية خاصة في البلاد. ونتيجة لذلك، أُطلق أول مصرف خاص في سوريا، وهو بنك بيمو السعودي الفرنسي، وذلك عام 2003. ثم تبعته مجموعة من البنوك التجارية الخاصة، مثل: بنك عوده، بنك سوريا والخليج، بنك بيبلوس، بنك سوريا والمهجر، المصرف الدولي للتجارة والتمويل، بنك قطر الوطني، البنك العربي-سوريا، وبنك سوريا-الأردن.

وعلى صعيد التمويل الإسلامي، شهدت البلاد تأسيس عدة بنوك إسلامية، من أبرزها: بنك الشام، بنك البركة، وبنك سوريا الدولي الإسلامي، في محاولة لتلبية احتياجات السوق المحلية وتوفير خدمات مصرفية متوافقة مع الشريعة الإسلامية.

قطاع مصرفي هش رغم التحديثات

بحسب تقرير نشره موقع نيوز عربي، فإن القطاع المصرفي السوري عانى من اختلالات هيكلية مزمنة منذ تولي عائلة الأسد الحكم في عام 1970 وحتى عام 2024. وعلى الرغم من محاولات التحديث الجزئية التي طرأت على بنيته، إلا أن النظام المصرفي بقي خاضعًا لتوجيهات السلطة السياسية، ولم يتحرر من قيوده المركزية.

وعلى النقيض من ذلك، تمكنت البنوك الخاصة من الحفاظ على قدر من الاستقلالية والمرونة، مقارنةً بالبنوك الحكومية. وقد ساعد ذلك على نمو مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، مدفوعًا بارتفاع قيمة أصولها، رغم التحديات الاقتصادية والتضييق السياسي.

رجال الأعمال والنفوذ السياسي

في هذا السياق، أوضح يونس الكريم، الباحث والخبير في الاقتصاد السوري، أن معظم مؤسسي البنوك الخاصة في سوريا كانوا من رجال الأعمال المرتبطين بالنظام. وأشار إلى أن هؤلاء تجمعوا لاحقًا تحت مظلتين رئيسيتين:

  • شركة شام القابضة: المملوكة لـ رامي مخلوف، ابن خالة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

  • شركة سوريا القابضة: التي تأسست على يد مجموعة من رجال الأعمال المقربين من النظام، والذين لا يخضعون بشكل مباشر لهيمنة مخلوف.

وبهذا الشكل، بقي القطاع المصرفي الخاص في سوريا جزءًا من المنظومة الاقتصادية المرتبطة بمراكز النفوذ السياسي، ما حدّ من قدرته على لعب دور تنموي مستقل وفاعل.


رامي مخلوف ابن خالة بشار الأسد
معظم مؤسسي البنوك الخاصة في سوريا تجمعوا لاحقًا تحت مظلة شركتين رئيسيتين إحداهما تتبع لرامي مخلوف (مواقع التواصل)

ويضيف الكريم أن هذه البنوك لعبت دورًا رئيسيا في تجميع أموال المودعين التي خُصصت لاحقًا قروضا ضخمة لأعضاء مجالس إدارتها والمقرّبين منهم، إلى جانب تمويل عدد من رجال الأعمال المرتبطين بالنظام.

وأشار إلى أن أحد أبرز أدوار البنوك الخاصة تمثّل في جمع النقد الأجنبي، خاصة الدولار الأميركي، من الأسواق المحلية، في ظل منع البنوك الحكومية (باستثناء البنك التجاري السوري) من التعامل به. وقد منح ذلك رجال الأعمال الموالين للنظام سيولة مالية كبيرة مكّنتهم من التحكم بالمشهد الاقتصادي المحلي، وتنفيذ استثمارات خارج البلاد.

ويرى الكريم أن هذا الاستخدام السياسي للمصارف الخاصة أضعف من قدرتها على أداء دورها الأساسي، خصوصًا في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو الهدف الذي بُرر من خلاله إدخالها إلى السوق المصرفية السورية.

وأضاف أن بعض البنوك التي تحمل أسماء مؤسسات عربية أو دولية، كـ”بنك البركة” و”بنك قطر الوطني”، تم ترخيصها من خلال شركات سورية محلية استخدمت هذه العلامات التجارية واجهةً. ومع فرض العقوبات على سوريا عقب الثورة، وانسحاب الشركاء الأجانب، بقيت هذه الشركات تدير البنوك محليًا، دون أي صلة فعلية بالبنوك الأم، ودون تأثير يُذكر للمؤسسات الأجنبية المالكة سابقًا.

قطاع مصرفي هش

من جهته، يؤكد الباحث الاقتصادي في مركز جسور للدراسات خالد تركاوي أن البنوك السورية الخاصة ضعيفة بطبيعتها، سواء من حيث رأس المال أو الخبرة المؤسسية، وهي حديثة النشأة ولا تمتلك من الكفاءة أو الاستقلالية ما يجعلها قادرة على تمويل مشاريع أو قيادة نشاط اقتصادي فعال.

ويعزو الكريم ضعف القطاع المصرفي برمّته إلى هشاشة السوق الداخلية، والتي ازدادت سوءًا بفعل التضخم والركود الناجمين عن الحرب، والتغيرات المستمرة في توازنات القوى الاقتصادية داخل البلاد.

كما أشار إلى أن تدهور قيمة الليرة السورية فرض على المصارف الخاصة أعباء تشغيلية إضافية، لا سيما ما يتعلق بتأمين وتخزين الأموال النقدية في ظل الحاجة إلى مساحات آمنة وبنية لوجيستية معقدة، مما أدى إلى ارتفاع كبير في التكاليف.

ويرى الكريم أن القوانين التي أصدرها البنك المركزي في عهد النظام السابق، والمتعلقة بسقوف الإقراض ومنع التحويلات المالية، شكّلت عقبة أمام قدرة البنوك الخاصة على ممارسة دورها المصرفي، وأحبطت محاولات تطويرها.

أما تركاوي فيشدد على أن غياب الشفافية والاستقلالية في آليات الاستثمار التي تتبعها المصارف الخاصة أضعف من نموها، ويجعلها في حاجة ماسة إلى إصلاح هيكلي شامل، سواء على المستوى الفني أو التكنولوجي.

الليرة السورية سجلت خسائر متتالية منذ المرسوم 3 عام 2020 الذي يحظر التعامل بغير العملة السورية. الجزيرة
تدهور قيمة الليرة السورية فرض على المصارف الخاصة أعباء تشغيلية إضافية 

تحديات إعادة الإعمار.. عقبات مصرفية هيكلية

ويصطدم الدور المرتقب للبنوك السورية، سواء الخاصة أو الحكومية، في مرحلة إعادة الإعمار بعدة تحديات أساسية، أبرزها:

  • استمرار العقوبات الغربية والدولية على القطاع المصرفي، خاصة تلك المفروضة على البنك المركزي، الجهة المشرفة على كافة العمليات المصرفية الداخلية والخارجية.
  • انعدام الثقة من قبل الشركات الأجنبية، التي امتنعت عن ضخ أو إيداع أموالها في البنوك السورية الخاصة.
  • تراجع الثقة العامة لدى المستثمرين المحليين والدوليين في المنظومة المصرفية السورية.
  • غياب الانفتاح العربي على تأسيس بنوك جديدة في سوريا بسبب ضيق السوق المالية وعدم الاستقرار السياسي.
  • غياب مؤشرات واضحة بشأن قيمة العملة السورية، مما يحد من قدرة البنوك الأجنبية والعربية على تقييم المخاطر والاستثمار في هذا القطاع.

تجربة تركية ونموذج مقترح

وبحسب تقرير للجزيرة نت، فقد عرضت تركيا على الجانب السوري الاستفادة من تجربتها في بناء نظام مصرفي رقمي حديث قائم على الخدمات المالية المفتوحة.

وقال مدير المكتب المالي في الرئاسة التركية غوكسال أشان إن تبني سوريا نموذجًا مشابهًا للنظام التركي من شأنه اختصار عقود من التطوير إلى بضع سنوات فقط، مما يوفّر الوقت والموارد.

وأوضح أشان أن الانتقال إلى نظام مالي رقمي يمكن أن يحقق طفرة نوعية خلال فترة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات، مقارنة بعشرين عامًا في حال اتباع الأساليب التقليدية.

وأشار إلى أن هذا النموذج يتسم بانخفاض تكاليفه وقلة اعتماده على الموارد البشرية، مما يتماشى مع واقع سوريا الراهن، في ظل نزيف الكفاءات وهجرة العاملين في القطاع المالي.

وإذا توفرت الظروف المناسبة، فإن تركيا، بخبرتها الواسعة، قد تلعب دورًا محوريا في إعادة هيكلة النظام المصرفي السوري.

دعم القطاع الخاص

ويشدد تركاوي على ضرورة دعم البنوك الخاصة، وتمكينها من أداء دورها التنموي. ويقترح في هذا السياق تعزيز رؤوس أموال هذه المؤسسات من خلال فتح المجال أمام الاكتتاب العام وطرح الأسهم، مما يزيد من قدرتها على تمويل المشاريع الإنتاجية.

كما يدعو الحكومة إلى تشجيع المواطنين على فتح حسابات مصرفية وإيداع أموالهم بعد توفير بيئة مصرفية تكنولوجية آمنة وموثوقة. ويعتبر أن خلق بيئة استثمارية مشجعة للشركات المحلية والأجنبية سيسهم في تحفيز النشاط المصرفي، كما أن تفعيل سوق الأوراق المالية سيساعد في توسيع آفاق عمل البنوك.

ويخلص إلى أن تطوير القطاع المصرفي في سوريا هو بوابة أساسية لتطوير مختلف المؤسسات العامة والخاصة، مشددًا على أن أي نهضة اقتصادية مستقبلية لا يمكن أن تتم دون إصلاح جذري في البنية المالية للبلاد.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من نحن

“نحن في موقع نيوز عربي نولي اهتمامًا كبيرًا بتجربة المستخدم، حيث يتم تحسين المحتوى والعروض الترويجية بناءً على تحليلات دقيقة لاحتياجات الزوار، مما يسهم في تقديم تجربة تصفح سلسة ومخصصة.”

البريد الالكتروني: [email protected]

رقم الهاتف: +5-784-8894-678