في كتابه الجديد “الأيديولوجيا والقتل الجماعي.. السياسات الأمنية المتطرفة للإبادات الجماعية والفظائع المميتة”، يقدم الدكتور جوناثان ماينارد تحليلاً عميقاً للظاهرة المروعة التي يتحول فيها الأفراد العاديون إلى قتلة جماعيين، ويستعرض كيف يمكن أن تلعب الأيديولوجيا دوراً مهماً في تبرير هذه الجرائم.
الدكتور ماينارد هو محاضر أول وأستاذ مشارك في السياسة الدولية في كلية كينغز لندن، وكذلك برلماني يعمل في وحدة الشؤون الدولية بمجلس العموم البريطاني. وقبل انضمامه إلى كلية كينغز في عام 2020، كان يعمل في جامعة أكسفورد، حيث ركزت أبحاثه على العلاقات الدولية، العلوم السياسية، والنظرية السياسية. وتشمل اهتماماته البحثية دراسة دور الأيديولوجيا في الصراعات المسلحة، والسياسات المتطرفة، وخاصة تلك التي تتعلق بالعنف ضد المدنيين، مثل الإبادة الجماعية وإرهاب الدولة وانتهاكات حقوق الإنسان المنهجية.
كما يمتلك ماينارد اهتمامات بحثية ثانوية في فهم الأيديولوجيا في السياسة المعاصرة وأخلاقيات العنف السياسي والمناظرات المنهجية في النظرية السياسية والعلوم السياسية النوعية.
وفي عام 2025، صدرت الترجمة العربية لهذا الكتاب المثير عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر بواسطة المترجم محمد الدخاخني، ليصبح متاحًا للقارئ العربي فهما معمقًا لأسباب ودوافع هذه الظواهر المدمرة في التاريخ المعاصر.

في كتابه “الأيديولوجيا والقتل الجماعي.. السياسات الأمنية المتطرفة للإبادات الجماعية والفظائع المميتة”، يقدم الدكتور جوناثان ماينارد تفسيرًا وتحليلًا معمقًا للظاهرة المروعة للقتل الجماعي ويكشف عن الدور الحيوي الذي تلعبه الأيديولوجيا في تحفيز هذه الجرائم البشعة. بحسب ماينارد، تساهم الأيديولوجيا، التي تمثل مجموعة من المعتقدات السياسية التي تروج لها الدولة أو الجماعة، في تبرير وتسهيل القتل الجماعي وتحويله إلى جزء من السياسة الأمنية للأنظمة المتطرفة.
تفسير الظاهرة وتحليل الدوافع
يركز ماينارد على أن عمليات القتل الجماعي ليست مجرد تصرفات فردية أو حالات طارئة ناتجة عن اضطراب عقلي أو فطرة بشرية عدوانية، بل هي جرائم تؤطرها أيديولوجيات متطرفة تنشر في المجتمع، وتعتبر هذه العمليات جزءًا من سياسات أمنية تهدف إلى الحفاظ على السلطة أو تحقيق أهداف معينة.
يناقش الكتاب 3 فرضيات شائعة تفسر القتل الجماعي:
- الاضطراب العقلي: حيث يعتقد البعض أن مرتكبي هذه الجرائم قد يعانون من اضطرابات نفسية.
- الطبيعة العدوانية للبشر: الفرضية الثانية تتناول الفكرة القائلة بأن البشر بطبيعتهم ميالون للعنف.
- إجبار القتلة على ممارسة العنف: حيث يتم إقناع الأفراد بأنهم مجبرون على القتل بسبب أوامر عليا أو ضغط من محيطهم.
لكن، وفقا لماينارد، تعتبر الأيديولوجيا المحرك الأساسي والأكثر تأثيرًا في ارتكاب الجرائم الجماعية، حيث تساهم الأيديولوجيا في تصوير المدنيين كتهديدات وإقناع الناس بأن العنف ضدهم هو واجب، بما في ذلك تبرير الإبادة الجماعية كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية معينة.
أقسام الكتاب
يتناول الكتاب في تسعة فصول غنية بالمعلومات، حيث يبدأ المؤلف بتقديم مقدمات تحليلية ويختتم بخاتمة تتناول التحديات المستقبلية المرتبطة بالأيديولوجيا والقتل الجماعي. إليك ملخصًا للفصول:
- الفصل الأول: مقدمة
- يتناول فيه الكاتب لغز القتل الجماعي وكيفية تأثير الأيديولوجيا عليه، ويعرض المخطط التفصيلي للكتاب.
- الفصل الثاني: توضيح الأيديولوجيا
- يقدم تعريفًا للأيديولوجيا ويغوص في تحليل تأثيرها على السلوك البشري.
- الفصل الثالث: كيف تفسر الأيديولوجيا القتل الجماعي؟
- يناقش كيف تسهم الأيديولوجيا في تفسير عمليات القتل الجماعي ويعرض تحليلاً للأيديولوجيا السياسية المتشددة وأسبابها.
- الفصل الرابع: التبرير المتشدد للقتل الجماعي
- يناقش الأيديولوجيات التي تبرر القتل الجماعي وأهمية السرديات التبريرية في تيسير هذه الجرائم.
الختام
يقدم ماينارد في كتابه رؤية جديدة عن العلاقة بين الأيديولوجيا والقتل الجماعي، ويؤكد على أن الأيديولوجيات المتطرفة تلعب دورًا أساسيًا في تبرير هذه الجرائم. الكتاب لا يقدم فقط تحليلاً تاريخيًا لهذه الظواهر، بل يتضمن أيضًا دراسات حديثة حول كيفية تجنب تكرار مثل هذه الأفعال البشعة في المستقبل، وبالتالي يدعو إلى التفكير العميق في الطريقة التي تتعامل بها المجتمعات مع الأيديولوجيات المتطرفة.

- يتابع كتاب “الأيديولوجيا والقتل الجماعي.. السياسات الأمنية المتطرفة للإبادات الجماعية والفظائع المميتة” تحليل الدكتور جوناثان ماينارد عبر فصوله التي تسلط الضوء على عدة حالات تاريخية شديدة الأهمية تُظهر العلاقة بين الأيديولوجيا والعنف الجماعي. في الفصول من الخامس إلى التاسع، يقدم ماينارد تحليلات معمقة حول كيفية تأثر السياسات الأمنية بأيديولوجيات متطرفة وكيف تسهم هذه الأيديولوجيات في مأسسة القتل الجماعي.
الفصل الخامس: القمع الستاليني
يتناول هذا الفصل القمع الذي مورس في ظل النظام الستاليني، ويستعرض صعود الحالة الستالينية وكيف تحولت الأيديولوجيا الشيوعية إلى أداة لتبرير القمع السياسي والعنف. يعرض كيف استخدمت الستالينية القتل الجماعي كوسيلة للسيطرة على المعارضين وتصعيد السياسات القمعية، مع تحليل لكيفية تبرير هذه الممارسات القاسية تحت غطاء أيديولوجي.
الفصل السادس: قصف الحلفاء للمدنيين في الحرب العالمية الثانية
يتناول هذا الفصل ممارسات الحلفاء في قصف المدنيين خلال الحرب العالمية الثانية، حيث يفسر ماينارد كيف شكلت الأيديولوجيات العسكرية لدى الحلفاء دوافعهم لقصف مناطق المدنيين. يناقش الأيديولوجيا العسكرية التي أدت إلى تبرير تدمير مدن وأحياء مدنية بأعداد ضخمة من الضحايا، وكيف تم تقديم هذا العنف كجزء من استراتيجية الحرب.
الفصل السابع: القتل الجماعي في الحرب الأهلية في غواتيمالا
يناقش هذا الفصل العنف الذي وقع خلال الحرب الأهلية في غواتيمالا، حيث تستعرض التحليلات الأيديولوجية التي أطلقتها القوات الحكومية لمكافحة المتمردين. يربط ماينارد بين هذه الأيديولوجيا العسكرية المتشددة والإبادة الجماعية التي نفذها الجيش ضد المدنيين، مع تحليل لكيفية استغلال الأيديولوجيا لتبرير القتل الجماعي.
الفصل الثامن: الإبادة الجماعية في رواندا
يستعرض هذا الفصل الصراع الذي أودى بحياة مئات الآلاف من الأبرياء في رواندا عام 1994. يعرض ماينارد تطور القومية الإثنية المتشددة للهوتو التي قادت إلى الإبادة الجماعية ضد التوتسي، ويحلل دور الأيديولوجيا في تبرير العنف الوحشي الذي حدث في هذا السياق.
الفصل التاسع: الخاتمة
في الخاتمة، يستعرض ماينارد خلاصة فصول الكتاب ويوضح كيف تساهم الأيديولوجيا في الدفع نحو القتل الجماعي. كما يناقش في هذه الخاتمة رؤيته للتقدم نحو المستقبل في مكافحة هذه الظاهرة، من خلال المنهجيات التي يمكن أن تُستخدم في التنبؤ بالانتهاكات المستقبلية والتعامل معها.
أهمية الكتاب
يعد هذا الكتاب مرجعًا حيويًا لأي باحث أو مهتم بدراسة تأثير الأيديولوجيات على القرارات السياسية والعسكرية، ويُعطي رؤية عميقة حول كيفية استخدام الأنظمة المتطرفة للأيديولوجيا لتبرير العنف الجماعي والإبادات. يقدم الكتاب 560 صفحة من التحليل الدقيق والمعلومات القيمة التي تساعد في فهم الأبعاد الأيديولوجية وراء الأفعال الوحشية التي شهدها العالم في فترات مختلفة.
إذا كنت ترغب في التعمق في فهم هذه الظاهرة المعقدة والمروعة، يعتبر كتاب ماينارد مرجعًا لا غنى عنه.