• Home  
  • أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس يوسا
- طعام

أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس يوسا

ليما – نيوز عربي أعلنت عائلة الكاتب البيروفي-الإسباني الشهير ماريو فارغاس يوسا، الحائز على جائزة نوبل للآداب، وفاته عن عمر ناهز 89 عامًا، يوم الأحد، في العاصمة البيروفية ليما، حيث كان يعيش بهدوء خلال الأشهر الأخيرة من حياته، بعيدًا عن الأنشطة العامة. وُلد ماريو فارغاس يوسا في مدينة أريكيبا في بيرو عام 1936. تنقّل في […]

1744620472 h 56332222

ليما – نيوز عربي

أعلنت عائلة الكاتب البيروفي-الإسباني الشهير ماريو فارغاس يوسا، الحائز على جائزة نوبل للآداب، وفاته عن عمر ناهز 89 عامًا، يوم الأحد، في العاصمة البيروفية ليما، حيث كان يعيش بهدوء خلال الأشهر الأخيرة من حياته، بعيدًا عن الأنشطة العامة.

وُلد ماريو فارغاس يوسا في مدينة أريكيبا في بيرو عام 1936. تنقّل في بداية حياته بين بوليفيا وليما، قبل أن ينتقل إلى إسبانيا لدراسة الأدب، كما عاش في باريس، واعتبر مدريد بلده الثاني. رغم حمله للجنسية الإسبانية، احتفظ بجذوره البيروفية وواصل الكتابة لوسائل إعلام بيروفية، مسلطًا الضوء على القضايا السياسية والاجتماعية في بلاده.

أعلن نجله البكر ألفارو، عبر رسالة وقعها مع شقيقيه غونزالو ومورغانا، وفاة والدهم قائلًا: “بحزن عميق نعلن وفاة والدنا ماريو فارغاس يوسا في ليما، بهدوء، محاطًا بعائلته”.

وكانت قد انتشرت خلال الأشهر الماضية شائعات حول تدهور حالته الصحية، إلا أن ابنه أكد في أكتوبر الماضي أن والده “بلغ التسعين تقريبًا، وهو عمر يتطلب تقليل النشاط”، دون توضيح الحالة الصحية بالتفصيل.

الحكومة البيروفية أعلنت يوم 14 أبريل يوم “حداد وطني”، وجرى تنكيس الأعلام على المباني الرسمية في أنحاء البلاد، وفق مرسوم حكومي صدر عند منتصف ليل الأحد.

أمام منزله المطلّ على المحيط الهادئ في حي بارانكو بليما، تجمعت مجموعة صغيرة من محبيه بصمت، حاملين نسخًا من أعماله. وقال أحدهم، ويدعى غوستافو رويس، لإذاعة “آر بي بي”: “كان مرجعًا مهمًا جدًا بالنسبة لي. كان يقول دائمًا إن الأدب أنقذ حياته”.

عائلة الكاتب أكدت أنه لن تُقام جنازة عامة، وأن الجثمان سيُحرق وفق وصيته. وأضافت العائلة أنها ستتصرّف خلال الساعات والأيام المقبلة حسب رغباته الأخيرة.

الرئيسة البيروفية دينا بولوارتي عبّرت عن أسفها لوفاة فارغاس يوسا عبر منصة إكس، وقالت: “إن عبقريته الفكرية وأعماله الكثيرة ستبقى إرثًا دائمًا للأجيال المقبلة”.

أما رئيس غواتيمالا برناردو أريفالو فوصفه بـ”مؤرخ عظيم لأميركا اللاتينية ومترجم فطن لمساراتها ومصائرها”، في حين كتب الرئيس الكولومبي السابق ألفارو أوريبي: “رحل أحد أساتذة الأدب الكبار. ترك لنا أعماله وروحه ومثاله الذي علينا أن نحتذي به”.

من جهته، قال نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لاندو إن “مواضيع يوسا واهتماماته خالدة وعالمية”.

الكاتب البيروفي ألفريدو بريس إيتشينيكي، وهو صديق مقرب من يوسا ومؤلف رواية “عالم ليوليوس”، اعتبر أن “وفاة ماريو تمثل حدادًا لبيرو، لأنه لم يمثلنا أحد في العالم كما فعل هو، من خلال عمله ومثابرته ونقائه”.

يُذكر أن ماريو فارغاس يوسا ظهر قبل أيام من عيد ميلاده التاسع والثمانين في ثلاث صور التُقطت في الأماكن التي كتب فيها رواياته “خمس زوايا” عام 2016 و”أهدي لك صمتي” عام 2023، وهي لفتة رمزية تذكّر جمهوره بجذوره الإبداعية وأثره في الحياة الأدبية.

FILE PHOTO: Mario Vargas Llosa, Peruvian writer and Nobel Prize winner, dressed in the traditional attire of French Academicians with his ceremonial epee, poses in the library of the Institut de France before the ceremony during which he will be inducted into the Academie Francaise (French Academy) as an 'Immortal' member, in Paris, France, February 9, 2023. REUTERS/Sarah Meyssonnier/File Photo
يوسا في مكتبة معهد فرنسا قبل الحفل الذي سيتم خلاله إدخاله إلى الأكاديمية الفرنسية كعضو “خالد” 

وكان الكاتب صاحب روائع أدبية مثل “المدينة والكلاب” (“لا سيوداد إي لوس بيروس”) و”محادثة في الكاتدرائية” (“كونفرساسيونين إن لا كاتيدرال) يحظى بالإعجاب لوصفه الوقائع الاجتماعية، لكنّه تعرض للانتقاد من الاوساط الفكرية في أميركا الجنوبية بسبب مواقفه المحافظة.

تُرجمت أعمال فارغاس يوسا إلى حوالى ثلاثين لغة، وكان أول كاتب أجنبي يدخل مجموعة “بلياد” المرموقة خلال حياته عام 2016. وانتُخب عضوا في الأكاديمية الفرنسية عام 2021.

وكان يوسا واحدا من بين 4 كتاب، وصفوا في القارة اللاتينية بأنهم الكبار، من بينهم الأرجنتيني خوليو كورتاثار، والمكسيكي كارلوس فوينتس، والكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، وأخيرا البيروفي ماريو فارغاس يوسا.

وقد جاء صعودهم في تلك القارة، والانطلاق منها إلى بقية بلدان العالم، اعتبارا من بدايات الستينيات، بالتزامن مع ما بات يُعرف بطفرة الرواية التي شهدتها أميركا اللاتينية، وكان هؤلاء الأربعة، من بين أبرز ممثليها. في حين كان مجرد ذكر أسمائهم، يستدعي اسم خورخي لويس بورخيس، الكاتب الأرجنتيني الذي كان له الفضل، في تشكيل خريطة الأدب اللاتيني خلال القرن الـ20.

وكانت رواية “حرب نهاية العالم” هي التي فتحت الطريق أمام فارغاس يوسا، الأمر الذي كان له أثر واضح في وصول جائزة نوبل إليه في عام 2010، تلك الرواية التي يزيد عدد صفحاتها المترجمة إلى العربية عن 700، يتناول فيها الكاتب أحداث الحرب الأهليّة، التي اندلعت في شمال البرازيل، أواخر القرن الـ19، ويروي فيها قصة حرب “كانودوس”، وكأنه يرسم لوحة جدارية مدهشة، ويستعرض فيها تطلعات الإنسان، في عالم لم تغادره تلك المفاهيم التي تتعلق بالمدينة الفاضلة.

حرب نهاية العالم Mario Vargas Llosa الجزيرة
رواية “حرب نهاية العالم” لماريو فارغاس يوسا 

كان يوسا قد بدأ حياته مثل عديد من مثقفي أميركا اللاتينية، متعاطفا مع أهداف اليسار، لكنه مع حلول الثمانينيات، أصبح يدعو بحماس لقيم التجارة الحرة والليبرالية السياسية. ولم يكتف بذلك، بل انتقل إلى مرحلة أخرى عندما شارك كمرشح رئاسي عن تيار يمين الوسط، في الانتخابات الرئاسية البيروفية التي جرت عام 1990، لكنه لم ينجح في حصد النجاح.

وفي أعقاب ذلك، واصل يوسا إبداء حماسه الشديد، وميله الواضح نحو اليمين، وعندها أعلن انضمامه في عام 2014، إلى جمعية مونت بيليرين، المعروفة باحتضانها لليبرالية الجديدة.

ولم يكن يوسا كما بات معروفا عنه، يتردد في التصرف، إذا ما رأى أن الأمر يستوجب ذلك، وفي هذا الإطار يمكن تفسير تقدمه لترشح إلى منصب رئاسة بلاده. بعد أن بات مؤمنا أن من واجبه الأخلاقي أن يكون ناشطا فعّالا في الحياة العامة، واتخاذ موقف لشجب ما يصدر عن الحكومات الشمولية أينما وجدت.

كما يمكن في هذا الإطار، تفسير صعوده إلى خشبة المسرح، لأداء أحد الأدوار التمثيلية، بدافع ميله الشديد للتمثيل المسرحي.

منعطف فكري

كانت أفكار يوسا قد تغيرت في أعقاب القراءات التي انشغل بها، والتي كانت لمفكرين كبار، من أمثال آدم سميث، وكارل بوبير، وأورتيغا إي غاسيت. وفي كتابه الذي أصدره تحت عنوان “نداء القبيلة”، أكد على ذلك، بحسب تقرير سابق للجزيرة نت.

كما أنه كان قد عاش في فرنسا لمدة 7 سنوات، وتأثر خلالها بأفكار ألبير كامو، وفي عدة حوارات تناولت تلك الفترة، أكد يوسا أن إقامته في فرنسا، شكلت منعطفا جوهريا في حياته. كذلك انتقاله من الماركسية إلى الليبرالية، كان وراء تلك القطيعة التي حدثت في علاقته مع خوليو كورتاثار، وكارلوس فوينتس، وغابرييل غارسيا ماركيز.

من بعد هذا التحول الذي كانت لافتا في مسار فارغاس يوسا، راح يصف الزعيم الكوبي فيدل كاسترو بأنه دكتاتور، ويعتبر نظامه من أبشع الديكتاتوريات في أميركا اللاتينية، في حين أن ماركيز وفوينتس وكورتاثار كانوا يعبرون في كل وقت، عن دعمهم التام لكاسترو ونظامه.

خلال ذلك، انتهت العلاقة الوثيقة بين يوسا وماركيز، بسبب ذلك الخلاف الشخصي الذي راح يتطور، إلى أن بلغ الحد الذي اندفع فيه الكاتب البيروفي إلى توجيه لكمة إلى وجه غارسيا ماركيز، وهو ما تسببت له بكدمة دكناء تحت العين اليسرى.

وقبل حدوث ذلك بوقت، كان فارغاس يوسا، قد تحدث في العاصمة الإسبانية مدريد، عن طبيعة العلاقة الشخصية والمهنية التي كانت تربطه بغارسيّا ماركيز، والتي بدأت بالتدهور بسبب اختلاف في المواقف السياسية التي تبناها كل منهما تجاه الثورة الكوبية، وانتهت تماما، إثر مواجهة حامية. وقعت في بهو قصر الفنون الجميلة في مدينة مكسيكو سيتي، عندما اقترب غارسيا ماركيز للترحيب بيوسا فاتحا له ساعديه، لكن فارغاس يوسا ومن دون أن ينبس بكلمة، سارع إلى توجيه لكمة قوية لوجه الكاتب الكولومبي.

قوة الأدب

ظل يوسا في كتاباته يواصل الاهتمام بإسقاط الماضي على الحاضر، فطبيعة الإنسان ثابتة دائما مهما بدت البيئة متحولة. وبجرد بسيط للشخصيات يمكن توضيح لعبة يوسا السياسية لإيصال رسائل معينة ضمن إطار أدبي، فهو يتحكم في الشخصيات، فيجعل منها فاعلا مؤثرا في الأحداث وناتجا عنها في الوقت ذاته.

وعندما تلقى سؤالا أثناء مقابلة أُجريت معه في عام 1990 عن الأسباب التي تدعوه للكتابة، سارع يوسا للقول “أكتب لأني غير سعيد. ولأن الكتابة طريقة لمحاربة التعاسة، كما أن قوة الأدب تكمن في أنه يسمح لنا بأن نحيا حيوات عديدة، وهذه واحدة من أعظم ميزاته.. إذ ينتشلنا من واقعنا ويجعلنا ندخل إلى عوالم رائعة، نعيش حيوات غنية بكل ما هو مثير، ونغوص مغامرات في عوالم غير عالمنا، ونحن نتقمص شخصيات كثيرة، نختبر نفسيات مختلفة وعقليات متباينة. إنه إغناء مذهل للحياة. لكن الأدب في الوقت ذاته ليس شيك ضمان على السعادة، بل العكس ما يحدث أحيانا، بطريقة ما، فهو يحولك إلى شخص حزين لأن من خلاله تفهم أن هناك حيوات أغنى من حياتك. فأنت تصبح واعيا بحقيقة أنك قليل الأهمية”.

وفي حواره مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية، قال يوسا “نحن نؤلف روايات ليس فقط لنحكي واقعا موجودا بل لنغيره مضيفين له شيئا ما”، وتابع قائلا إن “الأدب هو يوتوبيا الواقع” فهو لا يحكي لنا واقعا متوارثا محققا، ودرسا تاريخيا أكاديميا، بل يفتش بدقة حاويا محترفا، على إسقاطات تجمع الماضي بالحاضر، في توليفة سردية، غالبا ما تخرج بنتائج تنعكس على المستقبل.

مؤكدا أن “الأزمنة تمر على المواقف السياسية البليدة، لكن الرواية العظيمة تبقى مؤثرة وخالدة على مرّ الزمن”. مشددا على ضرورة أن على المرء أن يتقبل الحرية بوصفها عنصرا أساسيا للتمتع بثقافة غنية وإبداعية. ولا يمكن أن تُحبَس الثقافة، في سجن أخلاقي أو ديني أو لائق سياسي، إذ يجب أن ندافع عن الحرية. لأن الأعمال الأدبية العظيمة لم تكن أبدا لائقة من الناحية السياسية، وفي كثير من الحالات، كان الأدب يأتي في صدارة العديد من الأشياء التي بدت رهيبة في بادئ الأمر، ثم صارت مقبولة على اعتبار أنها تمثل طفرات وتقدما اجتماعيا وثقافيا.

FILE PHOTO: Mario Vargas Llosa, Peruvian writer and Nobel Prize winner, dressed in the traditional attire of French Academicians with his ceremonial epee, poses in the library of the Institut de France before the ceremony during which he will be inducted into the Academie Francaise (French Academy) as an 'Immortal' member, in Paris, France, February 9, 2023. REUTERS/Sarah Meyssonnier/File Photo
ماريو فارغاس يوسا، الكاتب البيروفي الحائز على جائزة نوبل، يرتدي الزي التقليدي للأكاديميين الفرنسيين مع سيفه الاحتفالي 

وفي هذه المقابلة لخص يوسا مفهومه لعملية الكتابة، قائلا “أعتقد أن ما أحبه ليس الكتابة نفسها، بل إعادة الكتابة، الحذف والتصحيح.. وأعتقد أن ذلك، هو أكثر أجزاء العمل، إبداعية”.

وانتُخِب الكاتب البيروفي الإسباني في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 عضوا في الأكاديمية الفرنسية وهي هيئة حكومية تأسست عام 1634 لتطوير وتقعيد اللغة الفرنسية.

وليس فارغاس يوسا أول أجنبي يحصل على عضوية الأكاديمية الفرنسية، إذ سبقه إليها الأميركي جوليان غرين عام 1971، والكندي من أصل هاييتي داني لافريير عام 2013.

الخبرة والحكاية

وتستند أعمال فارغاس يوسا إلى خبرته في الحياة في بيرو منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي والتي توجت بخوضه لانتخابات الرئاسة عام 1990، لكنه خسر لصالح ألبرتو فوجيموري الذي اضطر في نهاية المطاف للفرار من البلاد وأدين بعد ذلك بعدة جرائم وكتب عن ذلك في مذكراته الصادرة عام 1993 بعنوان “السمكة في الماء”، وفي روايته “زمن البطل” استعرض فترة مراهقته في أكاديمية عسكرية في ليما.

ومن خلال أكثر من 30 رواية ومسرحية ومقالا صحفيا، طوّر فارغاس يوسا أسلوب سرد الحكاية الواحدة من عدة أوجه يفصلها أحيانا المكان أو الزمان.

وتجاوزت أعماله الأشكال الأدبية المعروفة ووضعته في مكانة رفيعة بين أبناء جيله الذي قاد بعث الآداب في أميركا اللاتينية في الستينيات من القرن الماضي.

وباختلاف خبراته تنوعت كتاباته، فنوّع كثيرا في الأشكال والرؤى والموضوعات، وكانت روايته “شيطنة الطفلة المشاغبة” أولى محاولاته لكتابة قصة حب وأشيد بها باعتبارها من أفضل ما كتب في هذا النوع.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

من نحن

“نحن في موقع نيوز عربي نولي اهتمامًا كبيرًا بتجربة المستخدم، حيث يتم تحسين المحتوى والعروض الترويجية بناءً على تحليلات دقيقة لاحتياجات الزوار، مما يسهم في تقديم تجربة تصفح سلسة ومخصصة.”

البريد الالكتروني: [email protected]

رقم الهاتف: +5-784-8894-678